بقلم : سحر النعيمات
جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة جامعا مانعا لأبرز القضايا الدولية والإقليمية وموقف الأردن الداعم لها، حيث تضمن الخطاب أبرز القيم والثوابت الوطنية والقضايا الإنسانية التي يلتزم الأردن بالدفاع عنها، لقد جاء خطاب جلالته بلغة سياسية عالية ومؤثرة وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية.
إن الخطاب الملكي جاء في ظرف حساس للغاية، وتضمن رسائل هامة للمجتمع الدولي من أجل الوقوف إلى جانب العدالة الدولية، وتحقيق السلم والأمن الدوليين وبناء مستقبل أفضل للأجيال القائمة والقادمة، واستشراف للمخاطر المستقبلية المحتملة للتعامل معها وفق مبدأ التضامن العالمي وبما ينسجم مع المبادئ العالمية لحقوق الانسان.
لقد شدد جلالة الملك على ضرورة استمرار الدعم الدولي لقضايا اللاجئين مشيرا إلى أن الأردن لا زال يستضيف ملايين اللاجئين، ويقدم لهم كافة الخدمات الإنسانية ملتزما بدوره الإنساني، غير ان استمرار استضافة اللاجئين ، أدى الى أن يتحمل الأردن أعباء إضافية في ظل محدودية موارده، وقد تضاعفت هذه الآثار والتبعات على البنية التحتية والموارد خصوصا مع انعكاسات التغيرات المناخية، وكان جلالته قد ركز في خطاب سابق على مترابطة المناخ واللاجئين ليلفت نظر العالم إلى عمق التحديات القائمة التي يمر بها الأردن وليذكر بالواجب الأخلاقي والالتزام القانوني للدول الكبرى تجاه تعقيدات هذه القضية لتقديم التمويل اللازم لتخفيف الضغوط وحماية الفئات الضعيفة وتوفير حياة كريمة لها.
لقد تضمن الخطاب الأبعاد السياسية لمسألة اللجوء السوري في الاردن الى جانب الأبعاد الإنسانية، حيث أن مسألة اللجوء هي نتاج للأزمة السياسية القائمة والمستمرة والتي يجب ان تكون الحلول الموجهة لها في سياق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 مؤكدا على المقترحات التي قدمها الأردن لحل الأزمة بالتنسيق مع الأمم المتحدة، واستمراره في حماية وتأمين حدوده الشمالية مع الجانب السوري بكل السبل المتاحة.
لقد تكرر في الخطاب التأكيد على ضرورة حضور البعد الإنساني تجاه التحديات والأزمات التي تواجه دول العالم النامي من كوارث طبيعية وأزمات سياسية ينتج عنها التهجير القسري والعنف وانعدام الأمن الغذائي والتغيرات المناخية التي تتسبب بالمجاعات والفيضانات والهجرة والفقر، وهذا البعد يشير الى عالمية تلك التحديات وضرورة وقوف المجتمع الدولي للتعامل معها.
وتذكيرا بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية في الشرق الأوسط، يؤكد جلالته على ضرورة حل الصراع القائم وفق حل الدولتين وهو السبيل الوحيد نحو السلام الشامل والدائم، مع ضرورة إعطاء المصداقية لقرارات الأمم المتحدة.
لقد كانت القدس حاضرة في وجدان جلالة الملك ليؤكد للعالم أجمع على التزام الأردن في الحفاظ على هوية القدس بموجب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وفي هذا الخطاب تبرز الثوابت الأردنية تجاه القضية الفلسطينية، كما برزت تحذيرات جلالة الملك مع استمرار الأحداث القائمة في الأراضي الفلسطينية بما ينعكس سلبا على الواقع المعيشي والمخاطر المحتملة لتطور الأوضاع هنا.